أخبار مصر الان أخبار مصر الان
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

حكايات مستر ماريو في دير سمعان الخراز 20 عامًا في نحت صور القديسين



على مسافة قصيرة من القاعة الرئيسية لدير الأنبا سمعان الخراز بمنطقة عزبة الزبالين في حي المقطم، وتحديدا في الجزء الخلفي لكنيسة "مارمرقس" الملحقة بالدير الذي يتوسط قلب صخرة المقطم العملاقة، الصمت والهدوء الحذر يخيمان على المشهد، الأجواء مثقلة بحرارة الثانية ظهرًا، بينما يتردد صوت الواعظ من مذياع إحدى القاعات الملحقة بالدير، تتعالى الصرخات والضحكات الهستيرية بين الحين والآخر من ركن قصي ملاصق للكنيسة الدير، فتيات تصرخن ثم تتبع الصرخات عبارات تشجيع من قبل الشباب، وكلاهما يقفز بين هذا الحبل المثبت بالصخرة أو ذاك، جميعها علامات تدلك على أنك أصبحت في ساحة "الهاي روبس" التي أسسها البولندي – المصري "مستر ماركو" منذ أكثر من ثلاث سنوات.

في رابع أيام عيد الفطر المبارك، شرعت السيدة "أماني" في البحث عن أماكن الاحتفال بالعيد عقب انتهائه، وخلو الشوارع من المحتفلين، كما اعتادت هي وابنتها سارة 18 عاما، لكن هذا العام كان الوضع مختلفا، ستصطحبان معهما الصديق الألماني الذي يزور مصر للمرة الأولى، "قرأت بوست على فيس بوك عن مكان فيه هاي روبس وألعاب إثارة زي اللي بنشوفها بره مصر، تحمست اصطحب سارة وصديقنا الألماني  الشاب الذي أصابه الذهول، كان فاكر مصر القديمة ومعالمها هي مزارات مصر الوحيدة".


في مطلع أكتوبر عام 1998، كانت الزيارة الأولى لماريو إلى مصر بصفة خاصة والشرق الأوسط بصفة عامة، لم يكن يعلم حينها أنها ستكون الأخيرة، وسيدفعه القدر بأن يظل بقية حياته رحالا بين شوارع مصر ومناطقها الشعبية، "كان عندي عشرين سنة وقت ما جيت مصر في إرسالية إيطالية معنية بإرسال الكاثوليك إلى كنائس شمال أفريقيا، إرسالية دينية تعليمية دفعتني للعمل لأكثر من 25 سنة في دير الأنبا سمعان، تعلمت اللغة العربية الفصحى بعد سنتين من المجيء لهذا المكان من خلال معبد كومبوني بحي السكاكيني، وحبي لشوارع مصر الشعبية علمني اللهجة المصرية بسرعة، ولأنني متزوج بمصرية"، يتحدث الأربعيني ذو البشرة الحمراء "العربي المكسر" بحرفية شديدة محدثا شيئا من الدعابة.

خدمة زوار الكنيسة خاصة من أطفال أحياء المقطم والسيدة عائشة وحي الزبالين، كانت مهمة الشاب ماريو الذي درس علوم التكنولوجيا ثم الفلسفة الحديثة بإحدى جامعات بولندا، والتي أوكلت إليه بعد جلسة توزيع المهام التي جمعته والقس سمعان راعي الكنيسة، وبالطبع دون مقابل مادي، ما دفعه حين تزوج بالسيدة منى "المصرية – الكندية"، في نهاية عام 1994، وأصبحت حاملا في مولودتهما الأولى "ناتالي"، أن يسأل عن مصدر لكسب الرزق يعينه على سد احتياجات الأسرة حديثة التكوين، فلم يكن من القس سمعان إلا أن أصدر قرارا موكلا بشكل أساسي لماريو بأن يحول ساحة الدير الصخرية إلى "إنجيل مفتوح"، "أبونا سمعان قالي عايز المكان ده إنجيل مفتوح، هنخرج برة إطار الأيقونات المتعاهد عليها بالكنائس الأرثوذكسية وأنت هتتولى مهام نحت آيات الإنجيل وأعمال الرسل وكمان صورهم على كل صخرة بالدير، اشتغلت في النحت بالجبل 20 سنة متواصل دون انقطاع".

كانت هذه هي المرة الأولى التي يمسك فيها ماريو بمعول وأدوات نحت، ويقشط الطبقة العليا من صخور عملاقة بحجم صخرة جبل المقطم، ليترك بصمة يديه بكل ركن من أركان الدير، : "أول ما جيت القاهرة وأنا ساكن بالحي كنت أقف في الشباك أفتكر إن دي منطقة عسكرية للجيش، عرفت بعدها من تاسوني كانت تعمل هنا أنه دير ويمكنني أن أخدم فيه وأعلم الصغار ففعلت"، يقول ماريو.


انتهت مهمة نحت صخور الدير وتحول المشهد على يد ماريو ومساعديه إلى متحف فني مفتوح، كل زاوية تنطق بما تحويه من رسوم وتماثيل وعبارات على لسان السيد المسيح أو أحد الرسل.
تقدم ماريو في السن ولم يعد قادرا على ممارسة مهنته القديمة، عرض على مدير الدير أن يعوض الشباب سكان المنطقة عن غياب ملاعب كرة القدم والأندية ووسائل الترفيه المختلفة، "قررنا إننا داخل الدير هنعمل high ropes وصل طولها 200 متر، ودي الألعاب المفيدة واللي بتساعد على لياقة وتقوية جسم الشخص، وبالفعل حصلنا على التصريح الأمني والسلامة الشخصية، ومصر كلها بتيجي تلعب عندنا، كنت اتمنى أوسع المشروع لكن الإمكانات هنا شبه محدودة"، يتحدث ماريو بينما يحاول إسداء نصائح لحظات ما قبل الانطلاق للشباب والفتيات، خاصة المصابين بمرض السكري أو أمراض العظام والقلب.

أبانوب وروماني وكيرليس، ثلاثة شباب من أبناء حي الزبالين الملاصق للدير، منذ كانوا في السادسة عشر من عمرهم، تعلقوا منبهرين بما يقدم عليه ماريو من تجميل وتجديد لشكل الصخرة المكونة للدير، دأبوا على التواجد معه بصورة شبه يومية، ما جعلهم يكونوا المؤسسين الأوائل لمشروع الـ "هاي روبس"، أصبحوا الذراع الأيمن لماريو، ففي حين يوثق روماني مشاهد القفز واللعب عن طريقه عدسته، يحرص أبانوب على التأكيد على سلامة كل لعبة وخوذة الحماية قبل الانطلاق، "إحنا من صغرنا بنخدم في الدير وتعلقنا بمستر ماريو، ولما قرر يطلق مشروعه ده كنا من المؤسسين،  لو فيه صيانة للعبة إحنا بنقوم بيها وهو يشرف علينا".


المصدر فيتو

عن الكاتب

مصر الان

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

أخبار مصر الان